المبتدأ لوهب بن منبه: من كتب الحقبة التأسيسية الإسلامية

اشتغلت الثقافة العربية الإسلامية بآلية الاستحواذ والإقصاء، فكانت تستحوذ على تراثات الأمم الأخرى، ثمَّ تقصي منها ما لا ينسجم مع تطلعاتها، وكتاب <المبتدأ> لوهب بن مُنبِّه )ت 114 ه( جسَّد ذلك تجسيداً واضحاً، فمعارفه من أهل الكتاب: اليهود والمسيحيين، تحوَّلت إلى منصَّة للتفسير والتاريخ والحديث والوعظ، يطلُّ منها المسلمون إلى أول الخلق وحيوات الأنبياء والأمم السالفة. وبين الحاجة المعرفية، وصراع المتنافسين على امتلاك السيادة الدينية، ضاع الكتاب الأصل، وبقيت نصوصه في بطون الكتب، وإلى أن تظهر مخطوطاته، وقد استغرقت في الغياب أربعة عشر قرناً، حان الوقت لجمع الكتاب، وتوثيق نصوصه، وتنظيم محتوياته، وهذا ما حصل.