تكمن اهمية كتاب الرحلة العربية الى الديار الأوربية في العصر العثماني الأخير ليس في طبيعة معلوماته التي ارشف فيها تاريخ أوربا في مقطع زمني متعلق بمطلع القرن العشرين فحسب، وإنما في طبيعة المقارنات الذهنية المتوالية بين الذات والآخر عبر مستويات حياتية وانثربولوجية متعددة، إذ استكشف المؤلف من خلال نماذج الدول الأوربية الرئيسة التي وطأتها رحلته مواطن الوهن والتراجع في أنموذجه الذاتي العربي أمام الآخر الأوربي المقابل له، فالرحلة في هدفها الجوهري هي للمتلقي العربي الذي يكاد يخرج للتو من قوقعة الإمبراطورية العثمانية ليدخل في جلباب إمبراطوريات أخر، فالرحلة أشبه بالتمهيد أو المقدمة لذلك التحول العظيم.