البحثُ عن التاريخ والمعنى في الدين

تعودُ بداياتُ التاريخِ المقارن للأديان إلى منتصف القرن التاسع عشر؛ أي إلى الفترة التي شهدت أوج الدعاية الماديَّة والوضعيَّة، فالوضعيَّة الماديَّة التي استند إليها أوغست كونت التقتْ مع النزعة التطوريَّة التي ظهرت فـي نظريَّات تشارلز داروين حول أصل الأنواع، وأطروحات هربرت سبنسر حول الخط الأحاديّ للتطور والتقدم، ووَفْق هذه التيارات والنظريَّات لم تكن الظواهر الدينيَّة سوى مخلفات ماض مظلم وبنية بدائيَّة تقضي ضرورات التطور باضمحلالها التدريجيّ مع تقدم العلوم وشيوع الأنوار. درس إلياده كلَّ هذه المدارس والاتجاهات واستوعب تراث الوضعيَّة، وكذلك الدراسات النقديَّة والتأويليَّة التي راجت فـي عصره، وخلص إلى استنتاج أنَّ علماء القرن التاسع عشر سيطر عليهم هاجس البحث عن الأصول. سبح إلياده عكس التيار السائد فـي زمانه داعياً إلى «مذهب إنساني جديد»، وإلى «نهضة جديدة»، وإلى تاريخ للأديان يأخذ فـي الحسبان ثقافة الإنسان الشاملة التي هي ثقافة الإنسان الكونيّ.